بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
فاكهه نأكلها والاسلام حرمها
فاكهة حرمها الإسلام :إنها تلك الفاكهة التي أحبها الناس بشراهة في زماننا هذا، وتفننوا في أكلها في كل وقت وحين...في كل مكان وكل مجال...
إنها الفاكهة التي أصبحت تسلي الناس في أوقات فراغهم، فضلا عن ساعات عملهم...
إنها الفاكهة التي يأكلها الغني والفقير...
إنها الفاكهة التي حرمها الله في كتابه الكريم ووصف آكلها بأبشع صفة ... ونهانا الحبيب صلى الله عليه وسلم عن أكلها...
لعلكم اخواني وآخوآتي عرفتموها .....
..إنها الغيبـــــــة ..
نعتها الحسن البصري بـــ " فاكهة النساء" وما أحسبها تقتصر على النساء فقط، فقد أصبحت
فاكهة للكل ..
رجالا كانوا أم نساء . نعم تتضح أكثر عند النساء ..
ولكنها موجودة عند الرجال أيضا ..
فهل آن الآوان كي نحرم علي أنفسنا هذه الفاكهة .. ؟؟
تعالوا نشغل أنفسنا بذكر الله بدلا من الخوض في أعراض هذه وهذا
لا وإن من أعظم آفات اللسان : ذلك المرض العضال ، والداء الفتاك : مرض الغيبة ، التي أصبحت فاكهة كثير من المجالس ، رجالاً ونساءً ، من الصالحين وغير الصالحين ، تساهل الكثير بها ، فأطلق للسانه العنان ، يتكلم بفلان وفلان ، ويجرح فلاناً وفلاناً ، ويصنف الناس ، كلام في النيات ، وكلام في الأعراض ، وكلام في الحكام والعلماء .
الغيبة مرض عضال ، تذهب الحسنات ، وتسبب الشحناء والخصومات ، وتفرح الشيطان .
وقد عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ) رواه مسلم .
فكل قول أو فعل ذكرته في أخيك وهو يكرهه وهو غائب فإنه غيبة .
كأن يتكلم فيه بجرح وذم ، أو يقلده في حركاته ومشيه مستهتراً به .
لقد جاءت النصوص الكثيرة التي تدل على حرمة الغيبة وأنها من الكبائر .
قال تعالى (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ) .
وقال تعالى ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْـعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) .
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال ) رواه أبو داود . (ردغة الخبال: عصارة أهل النار من صديد وقيح والعياذ بالله) .
وعن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب إليه يوم القيامة ، فيقال له كله ميتاً كما أكلته حياً فيأكله فيكلح ويصيح " رواه أبو يعلي وابن حبان بسند صحيح .
وقال صلى الله عليه وسلم ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) متفق عليه .
فاحذروا الغيبة معاشر المسلمين فإنها تأكل الحسنات :
كما في حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ » . قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ . فَقَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَـطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ ) رواه مسلم .
وهي من أسباب عذاب القبر .
كما جاء في حديث ابن عباس قال ( مر النبي بقبرين فقال : ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة وجاء في رواية ( بالغيبة ) .
وهي ذنب عظيم كبير .
عن عائشة . قالت ( قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا . قال بعض الرواة : تعني قصيرة : فقال : لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ) رواه أبو داود .
وهي سبب من أسباب دخول النار .
كما في حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِى بِهَا فِى النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) .
وفي رواية ( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغَ ما بلغت ، يكتبُ الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه ) رواه مالك .
فانظروا عباد الله !!
كلمة واحدة من سخط الله تفعل هذا ؟؟ فكيف بمن يتكلم بالكلمات تلو الكلمات ، ويجلس الجلسات تلو الجلسات ؟؟ فكيف بمن يتكلم بالأعراض والنيات ؟؟
إذا كانت كلمة واحدة من سخط الله تفعل ذلك ؟؟ فكيف بالكلمات الكثيرة .
فاتقوا الله أيها الناس ، واحذروا من غضب الجبار أن تعصوه ، فإن الله تعالى أعطاك اللسان لتطيعه وتتقي الله فيه ، لا أن تعصيه فيه .
وهي سبب للعذاب قبل الآخرة .
كما في حديث أنس . قال : قال رسول الله ( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ! فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم ) رواه أبو داود .
فاحذروا أيها المسلمون من الغيبة ومن الكلام في أعراض الناس واعلموا أن من فعل ذلك عاقبه بمثل ذلك وفضحه الله.
قال ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ) .
قال يحيي بن معاذ : ليكن حظ المؤمن منك ثلاثاً : إن لم تنفعه فلا تضره ، وإن لم تفرحه فلا تغمه ، وإن لم تمدحه فلا تذمه .
واغتاب رجل عند معروف الكرخي فقال له : اذكر القطن إذا وضع على عينيك .
وقيل للربيع بن خثيم : ما نراك تغتاب أحداً ؟ فقال : لست عن نفسي راضياً فأتفرغ لذم الناس .
وقال الإمام مالك : أدركت بهذه البلدة – يعني المدينة – أقواماً ليس لهم عيوب فعابوا الناس فصارت لهم عيوب ، وأدركت بهذه البلدة أقواماً كانت لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس فنسيت عيوبهم .
أيها الناس :
اشتغلوا عن الغيبة بالذكر فإن الذكر حياة القلوب ، فإن القلب إذا اشتغل بالذكر سلم من الاشتغال بضده من القيل والقال .
ولأن الاشتغال بالذكر اشتغال عن الكلام الباطل من الغيبة والنميمة وغيرها.
فإن اللسان لا يسكت البتة ، فإما لسان ذاكر وإما لسان لاغٍ ولا بد من أحدهما .
فهي النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل .
وهو القلب إن لم تسكنه محبة الله سكنتْه محبة المخلوقين ولا بد .
وهو اللسان إن لم تشغله بالذكر شغلك باللغو ولا بد .
اللهم وفقنا للخيرات ولاغتنام الأزمان بالخيرات .
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
-منقول مع دمج موضوعين -
أسأل الله تعال أن يشغلنا بذكره وطاعته ويطهر ألسنتنا من كل ما يغضبه ........
منقول